السبت، 18 أكتوبر 2014

تطبيقات التسلط ، لماذا نسمح بقسوة مجهول الهوية ؟





تطبيقات التسلط ، لماذا نسمح بقسوة مجهول الهوية ؟
بقلم الباحث / عباس سبتي
18/11/2013

     في الأسبوع الماضي قفزت " Rebecca Ann Sedwick " البالغة من العمر (12) سنة من أعلى سطح لمصنع الاسمنت المهجور ، بعد معاناة عبر تطبيقات الهواتف المحمولة ، وهذه ليست الوحيدة بل هناك ضحايا الانتحار الأصغر سناً .
     وما دورنا كمجتمع لتحمل المسئولية ، هل نلوم مرتكبي التسلط أم المدارس غير المبالية أم الوالدين المهمليين ؟ هناك مشكلة متنامية ونحن إما نساهم في إيجاد ومعرفة أسبابها أم نغض الطرف عنها .

توجد عوامل ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار :

1- من السهل أن تقول كلمة قاسية دون كشف عن هويتك :
     في كثير من التطبيقات والمواقع الالكترونية ليس هناك مؤاخذة أو مساءلة لمن يقول شيئاً ، وهذا يبرز ما في طبيعة النفس من العيوب هل نحتاج أن نسمع بموت آخر كي نفهم أكثر الكلمات الجارحة التي أدت إلى موت إنسان ؟ مهما كان العدوان بشكل مباشر مثل الشتم والتهديد أو غير مباشر مثل الإقصاء الاجتماعي ونشر الشائعات ، فأنها كلمات تؤدي إلى الاستهتار بالنفس البشرية وعدم احترامها وإطفاء نور أمل المستقبل الإيجابي ، وهذه  "Rebecca" أمطروها بوابل من الرسائل النصية في هاتفها مثل: "  اقتلي نفسك " و " لماذا أنت ما زلت على قيد الحياة ؟ " .

2- هناك خوف سائد يفكر المرء أن يكون الضحية التالية :
     بسبب أن الهجمات الالكترونية قد تكون شريرة فان كثيراً من المراهقين يخشون التحدث علناً أو الوقوف في حشد ولو كان عندهم تعاطف أن يقولوا لهم " أخرج من الجماعة " ، في دراسة أجريت في  "Palo Alto " بكاليفورنيا  التي تم  مقابلات مع المراهقين أن الأسئلة المطروحة في موقع " ask.fm " تتكون : كم مرة استهدفت هذا الصيف  من قبل الفتيات ؟ مع الردود مثل : أعتقد أن ... قبيح للغاية ، بدين وبليد . كم مرة حاولت الانتحار ؟  أنه من الصعب ألا يواجه المراهق ظروف عصيبة ، وعندما يفكر المراهق هذه هي الطريقة السائدة بين المراهقين والشباب  تصبح القسوة عادة جديدة  ، أنه حان الوقت لنسأل أنفسنا هل هذا جيد تحقير الآخرين وإذلالهم ؟ وعندما نلقي نظرة على هذا السلوك العدواني الذي يتعرض له المراهقون بشكل يومي فأنا ننشر دعاية الخوف بلا مبالاة بين أوساط الناس .

3- غالباً ما تكون الهجمات الالكترونية مخفية لا يعرف مصدرها :
     كلما كبر المراهق فانه يزداد معرفة بأساليب التكنولوجيا ومهارة  في إخفاء هويته ونيته ، في المجتمعات التي تسود فيها التنافس الأكاديمي فأن الطلبة يعرفون أن التسلط عبارة عن علامة سوداء أو سلبية في سجل الطالب المدرسي ، وقد تمكن المراهقون من كشف طرق المخادعة لتجنب الكشف او إلقاء اللوم على الأفعال المسيئة للآخرين ، وفي كثير من الأحيان الحملات الوحشية التي يشنها المراهقون تكون سرية وغير ملحوظة من قبل المعلمين ولكنها واضحة لدى الضحية ، وكيف يختلف ذلك عن الإساءة إلى الأصدقاء أثناء تناول الطعام أو الإساءة إلى أحد العاملين على يد زميل لهم ؟

4- القتال الجماعي في تصاعد :
     في دراسة ل "  CNN " أجراها كل من " Robert Faris and Diane Felmlee " ، أشارا إلى أن الأطفال تعرضوا لأشكال من القسوة و العدوان لها علاقة بالحيلة ،  وأن التسلط يؤدي بهم إلى الاضطراب النفسي ، فأن الجناة يتعودون على هذه السلوكيات الخاطئة  وهناك من يحبهم من الأطفال بسبب سلوكياتهم ، وبعض الأطفال الذين تعرضوا إلى حادثة التسلط فأنهم قد يسيئون إلى غيرهم ويصبحون من مرتكبي التسلط ، و أحد الطلبة الذين تعرضوا إلى حادثة التسلط قال: إذا أدركت أن لديك قوة اجتماعية كبيرة من خلال التكبر على الآخرين ، وهذا حالة الناس الذين يرتقون علواً وشهراً فينالون احترام الناس لهم ، وهذا مثل حقل ألغام حيث أن الأطفال المتعطشون للقوة والأطفال الضعفاء على حد السواء يعتقدون أنها يجب أن يسرقوا النفوذ والقوة من الآخرين ، ولا عجب فأن الضغوط تتصاعد لأنها منطقة حرب افتراضية ، أكثر من 80% من الحوادث لم يبلغ عنها تصبح  " قتالاً جماعياً " ولها معيار جديد . وهذا يحدث في فناء المدرسة وربما ينبغي أن نولي اهتمامنا إلى المنزل والمؤسسات الاجتماعية وأماكن العمل ، وما علاج " القتال الجماعي " ؟ فقد نحتاج إلى تعريف للنفوذ والقوة لكن ليس كشيء يأتي على حساب شيء آخر ولكن مثل شيء يوجد في داخل كل شخص يعطي لكل الناس مختلف الأعمار الثقة والتعاطف لدعم احلام الآخرين ولماذا يكونون هنا .

5- المجهولية والصالح الكبير :
     كثقافة لماذا نقبل " صفحة الاعتراف "  وتطبيقات موقع " ask.fm "  و" spring.me " و " kik " و " voxer " التي تشجع على القسوة والإساءة إلى الآخرين مثل انتشار السرطان في قلوب وعقول الشباب ، كقضية الزمرة في المدارس  الثانوية ، وأصبحت هذه التطبيقات سلاحاً في أيدي الطلبة ليقتلوا به غيرهم  ، ويمكن القول أن التكنولوجيا  محايدة لكن استخدام الناس لها إما أن يكون هذا الاستخدام  سليماً أو مسيئاً ؟ وقد حظرت مجلة : " The Huffington Post " التعليقات التي تتم باستخدام أسماء مجهولة ،  وتحذو الشركات الأخرى حذوها ، ويمكن العمل بمنع هذه المشكلات ، وهذا تحدي مباشر لأصحاب رؤوس الأموال الذين يمولون الشبكات الاجتماعية وتطبيقاتها من أجل الربح المادي  .

 6- القضية  شعبية :
     كمجتمع دعونا نلاحظ لماذا " الشعبية أو الشهرة الاجتماعية " هي مقياس نجاح الشخص وشهرته اجتماعياً ؟ كثير من الأطفال والكبار ينخدعون من كبر حجمهم وشخصيتهم في فيسبوك ، ونشر الأشياء ليكون أكثر شهرة  ومحبة ، أنه من الصعبة أن يكون احدهم في مأمن ، فكم من أناس أصبحوا مدمني استخدام مواقع التواصل  الاجتماعي ؟ ولا ننسى حبهم للتواصل اجتماعياً مع الآخرين ، والقدرة على منح الآخرين يعني أحد أهم مقومات بناء الحياة المرضية ، وهذه الشاعرة "Arianna Huffington " تؤكد في قصيدتها وجهة نظر هذه وهي ان مساعدة الآخرين لها فوائد إضافية .

ما الذي يمكن عمله ؟
     التوعية من أجل التغيير :
     نلاحظ دائماً أن علاج أعراض وآثار التسلط لا ينفع ، مع انتشار برامج الحد من مشكلة العنف في المدارس فأن المشكلة ما زالت قائمة ، ولا يمكننا الانتظار كي تظهر هذه الآثار والمعاناة في المدارس الثانوية والمتوسطة ، وعلينا أن نصر على أن البرامج التعليمية التي تشتمل على : مهارات التعاطف والرحمة مع الغير ، والمرونة العاطفية والشفقة يجب أن توجد في المناهج المدرسية ، فمشروع السعادة المطروح في المدارس يؤكد على علاج الأسباب الجذرية بدلاً من علاج اعراض المشكلة ، ويساعد الأطفال على توعيتهم ليكونوا بناة مجتمعاتهم ، وقد تم إرسال رسالة الرفاهية والسعادة الأممية إلى أكثر من (75) دولة تشير إلى أنها لا تأتي من المصادر الخارجية ، وتعني الرفاهية هنا معرفة الذات وإدارة المشاعر أو العواطف والشفقة للنفس وللآخرين وتقديم الهدايا ، وعلى الرغم من قصة انتحار الفتاة "  Rebecca "مأساوية فأنها تلهم الآخرين على التغيير ، ففي ما يو 2013 أحد أعضاء الكنجرس الأمريكي قدم قانون تعلم التعاطف الاجتماعي للمدارس ، ومهما يستغرق الوقت لكي يوافق بقية الأعضاء فأنه حان الوقت للتحرك من أجل التغيير .

أقول :
     إن الإساءة والقسوة التي توجد في النفس الإنسانية لها مبررات ومسببات خاصة بالنسبة لجيل الأطفال والمراهقين لكن ليس العذر غض الطرف عن السلوكيات الخاطئة التي يقومون بها خاصة التي تؤدي إلى آثار نفسية بعيدة المدى على الضحايا لكن المنهج المدرسي ليس هو الحل الوحيد ، إذ الكل يعلم أن المناهج المدرسية في كل مكان تعلم الآداب والأخلاق والتعاطف والاحترام في نفوس الطلبة ولكن لم يمنع هؤلاء الطلبة من ارتكاب الأفعال المسيئة بسبب انتشار أجهزة التكنولوجيا وبرامجها من برنامج إخفاء الهوية والإساءة إلى الغير ، وبالتالي يجب أن يتحرك الجميع  من أجل القضاء على العنف التقليدي والالكتروني بالمدارس وخارجها ، هذا وقد تناول برامج وأنشطة في دراساتنا ومقالاتنا في موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية فاطلبها .  

المصدر :

Cyberbullying Apps -- Why Are We Allowing Anonymous Cruelty?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق