الاثنين، 1 سبتمبر 2014

التسلط : وقف إحالة المسئولية إلى المدرسة





التسلطوقف إحالة المسئولية  إلى المدرسة
بقلم البابحث / عباس سبتي
21/2/2014

ما المسار الصحيح لوظيفة المدرسة بمواجهة التسلط ؟

     قد لا توجد إجابات محددة ، لكن رأي العاملين بالمدرسة رأي واحد .

     إذا تعرض ابنك إلى الإساءة عبر أجهزة التكنولوجيا أو الانترنت ماذا تفعل لمساعدته ؟

     هل تستعين بالمدرسة لحل هذه المشكلة المعقدة وعواقبها ؟

     وهل المدرسة هي الجهة الرسمية والوحيدة لعرضها المكشلة عليها  ؟

     العنف والبلطجة الآن يختلف كلياً عن العنف عندما كان الآباء صغاراً ، بالأمس وقبل وجود الهواتف المحمولة وقبل عصر مواقع التواصل الاجتماعي ، كان الطالب يستعين بزملائه ضد طلبة اخرين وقد يجتمعون في منزل رئيس العصابة للتخطيط بالانتقام مثلما يجتمع بعض الطلبة في المنزل لإنجاز مشروع علمي للمدرسة ، وكيف أن هذا الاجتماع يزيد في العلاقة بين زملاء الفصل أو المدرسة .

     بمساعدة التكنولوجيا حوادث التسلط أصبحت أكثر شراسة وانتشاراً ، ويستغل المراهقون مواقع التواصل الاجتماعي للآخرين ويقولون أشياء مسيئة وهم خلف الشاشة فيقومون بإرسال تعليقات مهينة وجارحة عبر فيسبوك وموقع " Formspring " ويقومون بنشر صور ومقاطع فيديو غير مصرح بها من خلال الهواتف المحمولة المرتبطة بالانترنت .

     مع وجود تأثير فأم الأمر أكثر عمقاً ، وقبل مساعدة الآباء للأبناء للتعامل مع نتائج المشكلة يودون معرفة كيف يحدون من خطورتها ، وكآباء يريدون وضع نهاية للمعاناة قبل أن أن تستتبعها النتيجة المأساوية مثلما فعلت الفتيات الثلاث بإنهاء حياتهن 
Megan Meier, Phoebe Prince and Alexis Pilkington
بالانتحار  ، وفي الغالب يلجأ الآباء في هذه الحالة أولاً إلى المدرسة ولو  أن حالة التسلط وقعت خارج المدرسة  وعادة تكون لها  بعض آثار  وأشكال في المدرسة  و أن أطراف النزاع هم طلبة المدرسة أو تكون الحادثة قد انتشرت عبر الانترنت من خلال الهواتف المحمولة بين الطلبة ، لذا على الأب أن يتصل بمدير المدرسة للتعامل مع المشكلة وهذا يبدو الخيار المنطقي ، فالمدرسة التي يقضي الطالب أكثر وقته فيها ، ولها السيطرة على الأطراف المتنازعة ، وأسلوب التأديب يكون أسرع أقل تدخلاً من الشرطة ، لذا اكثر الاباء يتوقعون أن تساعدهم المدرسة .

     تزايد حالات التسلط عبر الانترنت يخلق مشلكة لمدير المدرسة لأن التشريع يكون غامضاً فيما يتعلق بالتحقيق مع الجناة وتأديبهم ، وبما أن شكل التسلط يكون جديداً فكل شيء عن التسلط يكون غامضاً ويكون عرضة للتأويل والتفسير ، تناولت الكاتبة " Jan Hoffman " في صحيفة نيويورك تايمز موضوع التسلط في المدارس في مقالة لها بعنوان :" حوادث التسلط زادت في استفحال المشكلات بالمدارس " ، فقد انشغل مدراء المدارس مع قضايا التسلط والنزاع بين الطلبة بسبب الرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وعندما يسوء الوضع سوءاً ومع وجود قوانين واضحة لما يجب أن يقوم به المدراء الخيارات تكون صعبة وموجعة للقلب ، فإذا قرر مسئول بالمدرسة عدم التدخل فأن المشكلة تخرج عن السيطرة ، وإذا تدخل الشرطة فأن الضحية والجاني يتعرضان للتحقيق والمحاكمة لمدة طويلة .

     ومن جهة أخرى إذا قرر مدير المدرسة او مساعده أن يقوم بعملية التحقيق والتأديب فأنه  قد يتعرض إلى مخاطرة الدعوى القضائية مثل تلك التي كلفت إحدى مدارس كاليفورنيا عشرة ملايين دورالات لتوقبف طالب عن الدراسة والذي نشر مقاطع فيديو خطيرة عبر يوتيوب ، لذا يخاف المدير الوقوع في مأزق واستنزاف  الوقت والمال في التحقيق والمقاضاة والعقوبة ومواجهة تعقيدات المسائل القانونية والأخلاقية مثل حق الطالب في التعبير والخصوصية وحق المدرسة في البحث وضبط وحماية الطلبة .

     تشير مقالة الكاتبة بوضوح أن المناطق التعليمية والمحاكم متى يجب أن تتدخل الضغوط المصاحبة مع التعامل مع حالات التسلط وغير التسلط  ، وعلى العاملين بالمدرسة استخدام الوقاية القديمة مثل الإرشاد والتوجيه والحوار والأسلوب الجديد أي الاستعانة  بحساب "    Fakebook  " عبر  فيسبوك لمعرفة ما يقوم به الطلبة عبر الانترنت دون علمهم ، وقد بدأت بعض المدارس استخدام المشورة والمساعدة عبر الأقران والمجهولين لمنع ووقف الضرر اللآتي من أجهزة التكنولوجيا .

     اسم :" Kelly Wickham " يعرف باسم " MochaMomma " بين أصحاب المدونات  ويعرف باسم  مسز ويكهام " Ms. Wickham " بين اوساط الطالبات وهي تعمل مساعدة المدير في المدرسة الثانوية ، تقول هذه السيدة أن ظاهرة التسلط لها  آثار مدمرة  وأنها متفشية ومعقدة ، وبمجرد طلب المساعدة فأن الضحية يعيش في دوامة الوقت والضيق , وتقول: الظاهرة تشبه منحدر زلق للغاية ، وكل حالة  من التسلط يتم التعامل معها على حدة  حسب معرفة  حالة الطالب وأسرته ، كانت غدارة  المدرسة أمام اتخاذ إجراء صعب ماذا تفعل ؟ أمام بالنسبة للطالبات  المخالفات فيجب ألا تؤثر حادثة التسلط على عملية التعليم " ، وأضافت :" الفصل الدراسي مكان مقدس ، فإذا أخل أحد بنظام الفصل الدراسي وعطل عملية التعليم فيجب أن يقف عند حده ".

     وبالنسبة للأب الذي يتعامل مع طفل مخرب يجب أن يعرف ليس فقط يعطل هذا الطالب عملية التعليم بل قد يدمر حياته أيضا ، فمقالة نيويورك تايمز تتحدث عن أب مذهول الذي له ابن أثر في كل شيء لأنه يعاني من آثار التسلط ، وبفضل الانترنت انتشر خبره في المدارس الأخرى ، وبما أنه يلعب في فريق رياضي فانه يسمع من الفريق المنافس له يهتف باسمه المستعار الذي استخدمه في عملية  التسلط ، لذا انسحب من الفريق ، كيف تعامل الأب مع مشكلة التسلط لابنه ؟ وقالت الكاتبة أن أكثر جوانب الإحباط التعامل مع الآباء المحبطين الذين يريدون أن تعمل المدرسة كل شيء لهم ، فياتون إلى المدرسة ويطلبون منها الإغاثة وأن كل الحلول بيد المدرسة ، لكن كيف يتصرفون إذا لم تحل المدرسة المشكلة ؟

كيف يتم مواجهة حالة التسلط ؟

     د. سمير هندوجا من مؤسسي مركز بحوث التسلط يقترح في مقابلة إذاعية له  :

     1- تشجيع الابن على مواجهة المشكلة وإبلاغ أحد الكبار عندما يكون الابن ضحية أو جاني او شاهد عيان ، وقد يكون هذا الأمر صعب للغاية بالنسبة للأطفال والمراهقين أن يقوموا به ، وهناك  أسباب تمنعهم من التحدث عن المشكلة منها الخوف من حرمانهم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي او استخدام هواتفهم المحمولة أو الخوف من الانتقام من قبل زملاء لهم  ، لذا لا يكشف الضحية عن هوية الجاني .

     2- فتح حوار مفتوح وصريح مع الأطفال مع بدايةا استخدامهم الهواتف المحمولة المرتبطة بالانترنت ، إذ أن هذا الحوار سوف يشجع الأبناء على الحديث ويتعرف الأب على المشكلة مع بداية ظهورها ، ويوصي د. هندوجا الآباء بالتحدث مع الأبناء مرة واحدة على الأقل في الأسبوع بشأن ما يقومون به عبر الانترنت .

     3- البحث عن أدلة المشكلة : أشارت الدراسات إلى أن عواقب التسلط  على الجانب العاطفي للضحية عميقة ، فإذا تغير سلوك الابن وظهرت عليه أعراض الضغوط النفسية : الحزن أو الخوف أو القلق ، ابدأ معه بالحديث لمعرفة الأسباب .

     4- اهتمام الأب بمشكلات الشباب في المجتمع : يسأل الأب المنطقة التعليمية عن النظم المتعلقة بالتسلط وكيف تتصرف حيال المشكلة  ، التأكد فرص التعلم والإعلام بين الطلبة ، أولياء الأمور وأفراد المجتمع .

     5- غرس المرونة بالابن : التأكيد على تنمية الثقة بالنفس لدى الابن من خلال تشجيعه على الانخراط بالأنشطة المناسبة له تساعد على النجاح وتنمية علاقاته الاجتماعية  الإيجابية مع الزملاء  والكبار .

     6- أن يكون الأب يسهم في حل مشكلات الآخرين :  ويكون داعماً ومستعداً لحل مشكلات زملاء الابن ، بذلك يصبح الأب عضو فعال بالمجتمع .

     7- إجراء المناقشة مع الابن عن  الاستخدام الآمن  للانترنت ، وقد ينصت الابن ويستمع إلى الحديث لكنه يجب عليه معرفة إجراءات السلامة عبر الانترنت .


في حال الكشف أن الابن أصبح ضحية التسلط ::

     1- إذا كانت عواقب التسلط كبيرة على الابن فلا يؤجل الأب اتخاذ من يلزم بل عليه الإسراع في التعامل مع المشكلة بجدية .

     2- تشجيع الابن للحديث مع الأب لكي يعرف الأب حقيقة الأمر ، وهذا ليس بالأمر السهل ، لأن الأطفال لا يحبون الكشف عن تورطهم في المشكلة ، لذا تشجيع الابن بما جرى لهم مفصلاً .

     3- الاستماع إلى وجهة نظر الابن وموافقته بما قال ، وإعلامه باتخاذ الإجراء الذي يجعل حياته مستقرة وآمنة ليشعر أنه غير مهمش .

     4- إذا وقعت حادثة التسلط بالمدرسة فعلى الأب طلب المساعدة من مدير المدرسة والمنطقة التعليمية ، وقد يكون  ذلك مجرد توقعات واقعية لما يمكن لمدراء المدارس القيام به .

     5- إذا كانت حادثة العنف تنطوي على تهديد بالعنف أو الخطر يستدعي رجال الشرطة .

     وما أن نكون قد ميزنا بالفعل بين التسلط والعنف التقليدي ، فأن أكثر المدارس المتوسطة والثانوية تحدث فيها التسلط من خلال  كتابة النصوص باستخدام الهاتف المحمول  و المواقع الاجتماعية  ، وكما أشار د. هندوجا أن الانترنت أصبحت جزءاً من حياة المراهقين والشباب ، وكلما عرفنا أكثر ما يقوم به الأبناء عبر النت كلما ساعدنا بشكل صحيح ، والمدارس تقوم بالمساعدة لكنها لا تستطيع حل المشكلة وحدها .

أقول :
     مشكلة العنف التقليدي أو مشكلة التسلط عبر الانترنت من المشكلات التي تعاني منها جميع المدارس في أرجاء الأرض وقد تبين من خلال جهود المدارس وما يقوم به الباحثين والخبراء في كشف ورصد تدعيات هذه المشكلات أن الحد منها لا يتم فقط على يد الجهات الرسمية بل لا بد من تضافر الجهود بين الجميع بما فيهم الأسرة والمجتمع المدني لوضع الخطط المستديمة للتصدي لهذه المشكلات ، وأظن ان على الأسر مسئولية مضاعفة سواء توعية الأبناء من خلال الاطلاع على البرامج التي تقدمها المواقع الالكترونية لا سيما موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية أو المواقع الأخرى ،  او تثقيف الواليدن انفسهم بالثقافة الالكترونية  الرقابة الأبوية والرقمية .       

المصدر :



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق