الأحد، 16 نوفمبر 2014

مساعدة الأطفال الذين يتعرضون إلى التسلط





مساعدة الأطفال الذين يتعرضون إلى التسلط
بقلم الباحث / عباس  سبتي

     كل يوم سيث "  Seth  " وعمره (10) سنوات  يطلب من أمه نقوداً أكثر عن حاجته لطعام الغذاء  ، لكن يبدو عليه الهزال ويأتي إلى المنزل وهو جائع ، واتضح أن " سيث " يسلم نقوده لتلميذ في الصف الخامس الذي يهدده إذا لم يعطه المال سوف يضربه .

     كايلا  " Kayla " عمرها (13) سنة كانت تعتقد ان الأمور تسير على ما يرام في مدرستها الجديدة ، حيث أن الفتيات يلاطفنها ، لكنها اكتشفت ان إحداهن قد كتبت تعليقاً مسيئاً بحقها ، وقد بكت " كايلا" كثيرا تلك الليلة ولم تنم ، وذهبت إلى ممرضة المدرسة تشتكي من آلام في المعدة كي تتجنب الفتيات في الصف .

     للأسف هذه البلطجة التي عانت منها كل من " سيث وكايلا " وهي منتشرة بشكل واسع ، وحسب المسوحات الوطنية ( الدراسات الميدانية ) فان معظم الأطفال والمراهقين يقولون ان التنمر ( العنف ) يحدث في المدرسة .

     الجاني قد يلجأ إلى محطة الباص ليتصيد الضحية  أو  يصبح كابوساً يؤرق الضحية ليلاً ، وقد يترك الجاني آثاراً نفسية عميقة على الضحية ، وفي حالات قصوى فانه يهدد أو يتلف الممتلكات  أو يجرح أحداً  جروحاً عميقة .

     إذا تعرض ابنك إلى التخويف من احد الطلاب ، عليك أن تساعده لوقف هذا العنف إذا كان ذلك ممكناً ، وبالإضافة هناك طرق لمساعدة الابن على التعامل مع حالات الإغاظة ، العنف ، القيل والقال والتقليل من آثارها الخطيرة ، وإذا كانت قضية البلطجة غير مهمة في المنزل فهي  الآن مهمة  ، لذا يجب التحدث عنها مع الابن وتهيئته كيف يتصرف في حال حصولها .

تحديد وتعريف العنف :
     معظم الأطفال يمازحون بعضهم بعض مع الأشقاء والأصدقاء ، ولا تكون المزحة ضارة أو مؤذية في العادة أثناء اللعب وبشكل ودي ويجدونها الأطفال متعة لكن عندما تتحول إلى الإغاظة القاسية والمستمرة فتصبح بلطجة وتحتاج إلى وقفها .

     البلطجة عبارة عن أذى متعمد يأخذ شكل : بدني ، لفظي ونفسي ، يمكن ان يتراوح بين : الضرب ، الدفع ، الشتم ، التهديد ، السخرية وابتزاز المال والممتلكات ، وبعض الجناة يتجنبون الآخرين ويشيعون الشائعات ضدهم ، وبعض الجناة يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي أو يكتبون الرسائل الالكترونية ليتهكموا ويؤذوا الآخرين .

     من المهم أخذ البلطجة على محمل الجد وليس مجرد شيء صعب لا يمكن تجنبه ، لأن آثارها عميقة وتؤثر على مشاعر الأطفال وعلى نفسيتهم ، وفي بعض الحالات الخطيرة تؤدي البلطجة إلى مآسي مثل حالات الانتحار وحوادث إطلاق النار في المدرسة .

لماذا يلجأ الأطفال إلى استخدام العنف ؟ Why Kids Bully ؟
     توجد أسباب عديدة وراء لجوء الطفل إلى العنف والتهديد ، وقد يختار طفلاً آخر ليكون ضحية له  لأنه ضعيف بدنياً وعاطفياً أو ليظهر سلوكاً عدوانياً  ليميز نفسه عن غيره وليكون أكثر شعبية  وأكثر سيطرة على غيره .

     على الرغم من أن الجاني أقوى وأكبر سناً من الضحية لكنها ليست قاعدة عامة .

     قد يلجأ بعض الأطفال إلى أذية غيرهم لأنهم قد تعرضوا إلى الأذى من قبل ، ويعتقدون أن سلوكهم طبيعي وعادي لأنهم انحدروا من أسر أو شاهدوا أماكن فيها صراخ وغضب وشتم بشكل منتظم .

     بعض أجهزة التلفاز المشهورة تعرض مشاهد تعزز الخسة  والحقارة ، الناس تصوت باتجاه آخر أو منبوذون بسبب مظهرهم الخارجي أو قلة مواهبهم .

علامات العنف  او البلطجة : Signs of Bullying :
     ما لم يخبر الطفل والديه عن تعرضه للعنف  أو تظهر عليه كدمات وإصابات ظاهرة فأنه من الصعب معرفة الوالدين ما حدث للطفل  ، لكن توجد هناك علامات تحذير إذ  أن على الوالدين ملاحظة سلوك الطفل المختلف أو ظهور قلق عليه أو عدم الأكل أو النوم أو عدم القيام بأنشطة محببة لديه ، وعندما يبدو عليه تغير المزاج أو أنه أكثر ضيقاً أو تجنب ركوب باص المدرسة كلها علامات لتعرض الطفل إلى تهديد وتخويف و... .

     إذا شك الوالدان بهذه الأعراض أو كان الطفل متردداً ، يجب على الوالدين انتهاز فرصة مناسبة لطرح قضية العنف مع الطفل ، على سبيل المثال قد يشاهد الوالدان حادثة العنف في التلفاز فيبدآن في الحديث معه ، " ما رأيك في هذه الحادثة ؟
     " ما رأيك في الطفل الذي ضربه زميله أن يقوم به ؟
     وهذا قد يؤدي إلى طرح أسئلة أخرى مثل: هل رأيت مثل هذه الحادثة من قبل ؟
     هل تعرضت أنت إلى حداثة مثلها ؟
     هل تخبرنا عن حادثة أخرى تعرض لها احد أفراد العائلة في مثل سنك ؟
     لذا على الطفل أن يعلم أن تعرضه  لحادثة التخويف أو أنه شاهد حالة تخويف لغيره عليه أن يخبر أحداً عن الحادثة في الحال سواء يخبر والديه أو أحد الكبار ( المعلم ، مشرف الجناح ، مدير المدرسة ) أو أحد أشقائه .

مساعدة الطفل : Helping Kids :
عندما يخبر الطفل والديه عن تعرضه إلى حادثة التخويف والإساءة يجب  عليهما أن يستمعا إليه بهدوء مع دعمه وتخفيف حالته النفسية ، وفي الغالب يتردد الأطفال في إبلاغ والديهم عن الحادثة لأنهم يشعرون بالحرج والخجل لما حدث لهم أو يقلقون أن والديهم لا يهتمون بذلك أو يغضبون أو تصدر منهم ردة فعل قوية .

     أحياناً يشعر الأطفال أن ذلك بسبب خطاهم لأنهم لم يتصرفوا بطريقة مختلفة ، وأحياناً يخافون من الجاني أن يبلغوا أحداً  عن الحادثة ، أو أن والديهم لا يصدقونهم بما حدث ، أو يحدثهم والديهم على ضرب من يضربهم كي لا يكونوا جبناء .

     تشجيع الطفل الذي يخبر والديه ما حدث له كي يشعر الطفل أن معه والديه ، وأن هناك كثيرين يتعرضون إلى الإساءة ، وان تصرف الجاني يعد تصرفاً خاطئاً وليس الذنب ذنب الابن ، وتشجيع الطفل كيف يتصرف جيداً .

     يجب أن يعلم مدير المدرسة او المعلم أو ممرض المدرسة ما حدث له ، كي يكونوا في وضع يساعدون الطفل على تهدئة حالته واتخاذ الإجراءات لمنع حوادث العنف .

     إن مفهوم " العنف " قد يطلق على حالات كثيرة ليس هناك حل واحد لكل هذه الحالات ، وما يناسب حالة معينة لا يناسب حالة أخرى ، وتوجد عوامل عديدة مثل العمر وخطورة الوضع ونوع السلوك

نصيحة للأطفال : Advice for Kids:
     يمكن للوالدين مساعدة الطفل على كيف يتعامل مع العنف ، بعض الآباء يشجع الطفل على رد العنف بالعنف دون أن يعرف ملابسات الحالة ، وقد يغضب بعض الآباء لماذا لم يدافع الابن عن نفسه ، وكأن الدفاع عن النفس  أو رد العدوان هو الحل الوحيد دائماً ، توجد بعض الاستراتيجيات لمناقشة الوضع مع الأطفال مما يجعلهم في وضع أفضل:

-       تجنب العنف بالعنف واستخدم نظام الصداقة ، حاول تجنب انفراد الجاني بك في المدرسة وخارجها .

-       سيطر على غضبك ، قد يزعجك الجاني او الفتوة  ويريد إثارة غضبك فلا تستجيب له .

-       قل للجاني " توقف " ثم ابتعد عن الجاني وتجاهل فعله وسر وانشغل بشيء آخر  .

-       اخبر احد البالغين : المعلم ، مدير  المدرسة ... كي يوقف سلوك الجاني والفتوة .

استعادة الثقة بالنفس : Restoring Confidence :
     سلوك الجاني قد يضعف ثقة الضحية بنفسه لكن ، شجع الضحية ان يحادث الأصدقاء الطيبين ، كذلك المشاركة بالنشطة الرياضية وكسب المزيد من الأصدقاء ، ومساعدة الصديق في حل مشكلته والتعاون في حل مشكلات العنف بالمدرسة مع بقية زملاء الفصل والمدرسة  .

أقول:

     العنف المدرسي أو التقليدي مستمر في المدارس وله آثار سلبية على ضحاياه لكن بعد انتشار العنف الالكتروني أو ما يسمى ب " التسلط عبر الانترنت " فأنه طغى على العنف التقليدي لما له من آثار أعمق حتى وصل الأمر ببعض الضحايا إلى الانتحار على أي حال توجد فروق جوهرية بين العنفين يمكن الاطلاع على بعض المقالات والدراسات بهذا الشأن في موقعنا : المسار للبحوث التربوية والاجتماعية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق