السبت، 25 يناير 2014

التسلط بين الشباب -1



Cyberbullying among youth: A comprehensive review of current international research and its implications and application to policy and practice

Wanda Cassidy, Chantal  Faucher ,and Margaret Jackson
Faculty of Education, Simon Fraser University, 8888 University Drive, Burnaby, BC, V5A 1S6 Canada
مقال : التسلط بين الشباب : نظرة شاملة للبحوث الدولية الحديثة وآثارها وتطبيق السياسات والممارسات
تأليف : وندا كاسيدي ، جانتل فوجر ومارغريت جاكسون
كلية التربية ، جامعة سمون فراستر ، كندا
مايو 2013
ترجمة الباحث / عباس سبتي

ترجمة مختصرة عن الباحثات :

وندا كاسيدي . Wanda Cassidy  :
     أستاذة مساعدة في كلية التربية في جامعة : Simon Fraserوهي أيضا مديرة مركز التربية والقانون والمجتمع وعملي في البداية مجالين المواطنة وحقوق الإنسان والتربية  وتشمل اهتماماتها في أخلاقيات الرعاية ومفاهيم التنوع والشمول والمسئولية الاجتماعية ومحو الأمية القانونية والشباب المهمشين والتسلط عبر الانترنت والكياسة وزرعة ثقافة احترام المدرسة   .

جانتل  فوجر : Chantal Faucher :
     زميلة فوق الدكتوراه في مركز التربية والقانون والمجتمع  في جامعة  Simon Fraser ، تعمل في المشاريع المحلية والوطنية والدولية المتعلقة بقضية التسلط في المدرسة المتوسطة والثانوية والجامعة  ، وهي تشارك في الندوات عبر وسائل الأعلام التي لها دور في تشكيل الفهم العام لدى الشباب في مجال الجريمة والقانون والعدالة .

مارغريت جاكسون : Margaret Jackson :
     بروفسورة فخرية في كلية علم الجريمة في جامعة  Simon Fraser , وهي مديرة في مركز البحوث بشأن العنف ضد النساء والأطفال ، وتهتم بتحليل القوانين والعنف ضد النساء والأطفال والبلطجة والتسلط عبر الانترنت ومواقف القضاء وتقييم المخاطر والعوامل الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الفتيات المهمشات .  

مقدمة :
     انتشرت دراسات التسلط عبر الانترنت مع بقية الدراسات الأخرى بأرجاء العالم بشكل كبير خلال الخمس والست السنوات الأخيرة ، في هذا المقال نستعرض أدبيات حديثة مطبوعة باللغة الانجليزية مع الاهتمام الخاص بالموضوعات التالية: العلاقة بين التسلط والعنف التقليدي وأوجه الاختلاف والتشابه بينهما وآثار التسلط على الضحايا والجناة والمدارس والأسر والمجتمعات والاستراتيجيات الموجهة للضحايا والمدارس وأولياء الأمور والحلول الفعالة وغير الفعالة ، ويركز هذا المقال على طرق الوقاية والتدخل التي تستخدم من قبل التربويين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين  وأولياء الأمور لمواجهة قضية التسلط ، وهنا نحاول تطوير المنهج بإدخال تكنولوجيا المعلومات  والاتصالات فيه  ( ICT  ) ومواقع التواصل الاجتماعي وتربية الأقران والمارة بقضية التسلط وطرق أخرى غير عقابية ، ونناقش الآثار المترتبة على السياسات والممارسات وإجراء الدراسات المستقبلية بهذا الشأن .

العنف الالكتروني ( التسلط ) :
     من أجل تأطير المعرفة والجانب النظري للبحوث المتعلقة بالتسلط يجب النظر والاهتمام بهذا الجانب في بقية البحوث و للبحوث المتعلقة بالتسلط تاريخ طويل وتطوير المفاهيم والمصطلحات وبناء أدوات لتقييم مشكلة التسلط  وتأثيرها وبناء الاستراتيجيات الموجهة إلى الضحايا والآخرين ، وهذا التاريخ يقود إلى تطوير الطرق التي تتعامل مع مشكلة التسلط  وتجريب طرق الوقاية والمنع .

     على نحو من الزيادة عند الحديث عن التسلط الالكتروني فأنه يذكر إلى جانب العنف التقليدي كظاهرة مستفحلة يتناولها الباحثون والخبراء بشكل مفصل . 
(Bulut & Gündüz, 2012; Campbell, 2005; Cowie & Jennifer, 2008; Demaray, Malecki, Jenkins, & Westermann, 2012; Hatzichristou, Polychroni, Issari, & Yfanti, 2012; Kowalski, Limber, & Agatston, 2012a; Kowalski, Morgan & Limber, 2012b; Smith & Slonje, 2010; Soto, Campos, & Morales, 2012; von Marées & Petermann, 2012; Ybarra & Mitchell, 2004)

     بينما بعض الباحثين مثل : Dan Olweus (2012a, 2012b), Smith (2012a), and Hinduja & Patchin (2012a) يدعون أن معدل التسلط لم يزد كمشكلة في بداية ظهور المشكلة في منتصف العقد الماضي ، لكن بعض الباحثين مثل : (e.g. Cassidy, Brown, & Jackson, 2011; Kowalski et al., 2012a; Rivers & Noret, 2010) وجود تزايد هذا المعدل خلال الخمس السنوات الماضية ، وبالتأكيد ما هو جديد ومتنامي حول هذه المشكلة هو اهتمام وسائل الأعلام والرأي العام بها .
(Dooley, Pyżalski, & Cross, 2009; Patchin & Hinduja, 2011; Smith, 2012b(.

     وعزى إلى انتشار جرائم التسلط  إلى تنامي استخدام أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (  ICT  ) من قبل الأطفال والشباب وسماهم (   ,2001 Prensky    ) : المواطنين الرقميين بينما ، سماهم أولياء أمورهم والتربويون ب"  المهاجرين الرقميين " بسبب الفجوة بين الجيل القديم والجيل الجديد بشأن هذه القضية ، هل هناك تشابه في السلوكيات بين التسلط والعنف التقليدي ؟ هذا ما سنناقشه لاحقاً .

وتجدر الإشارة إلى أنه  بينما  بعض الشباب ينتقلون بسهولة عبر عالم الانترنت ولو أنه ليس هذا هو حال كلهم كما أنه لا يعني أن الشباب هم أكثر قدرة على التعامل مع التحديات الصعبة عبر الانترنت  وأفضل  من عالم الواقع ، وعندما ابتكر (     , 2011  Prensky   )    مسمى " المواطنين الرقميين " و " المهاجرين الرقميين " كان يقصد من ذلك التعبير المجازي مع الفروق الهامة في كل مجموعة بدلا من أن تكون مفاهيم أساسية تستخدم على نطاق واسع وبحماس في الأدب .
(see, for example, Donlin, 2012; Palfrey & Gasser, 2008; Pyżalski, 2012; Smith, 2012b; Spears, Kofoed, Bartolo, Palermiti, & Costabile, 2012; Thomas, 2011)

     التسلط عبر الانترنت كشكل من أشكال مشكلة العنف  يكسب اهتماماً دولياً ، يوضح عينة أفراد الدراسة التي نشرت حديثاً باللغة الانجليزية ، وهؤلاء الأفراد من مختلف الدول ، يواجه المعلمون و الاختصاصيون النفسيون حالات من التسلط عبر الانترنت ، وهم غير مجهزين ببرامج التعامل مع مشكلة التسلط ، لذا أنه أمر عاجل أنهم يجرون دراسة لفهم مشكلة التسلط واستخدام الحلول القائمة على الأدلة التي تساعد على بناء طرق الوقاية والعلاج لهذه  المشكلة . 

التسلط عبر الانترنت :
     في السنوات الحديثة رأينا بعض المعاجز التي  ظهرت من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ( ICT   )    ولقد استفاد الشباب من هذه التطورات  التي أنتجت  مميزات عديدة من الانترنت والهواتف النقالة مثل الحصول على المعلومات التعليمية وشبكات التعلم الالكتروني والمصادر وتطوير وصيانة العلاقات بين الأقرباء والأصدقاء ، ومتنفساً للإبداع والنشاط المدني واكتشاف الذات .
(Kowalski et al., 2012a; Livingstone & Haddon, 2009)

     ومع ذلك هناك المخاطر التي صاحبت التوسع في العالم الظاهري ، والتسلط يعد أحد المخاطر التي تواجه الشباب . ويتعرفون على أشخاص ويتخذونهم أصدقاء .
)Livingstone, Haddon, Görzig, & Ólafsson, 2011) (Kowalski et al., 2012a)

     على الرغم من أن قضية التسلط لم يسمع بها أحد قبل عشر سنوات إلا أنه أجريت دراسات كثيرة ما بين خمس إلى سبع سنوات من أجل خدمة مجال البحث بهذه القضية ، وعلى سبيل المثال هناك آراء عديدة بشأن الكتابات الموجودة باللغة الانجليزية منها دراسة نشرت في مجلة :  School Psychology International ( von Marées & Petermann, 2012 —see also Blaya, 2011; Campbell, 2005; Dooley et al., 2009; Patchin & Hinduja, 2012a; Smith, 2012b; Smith & Slonje, 2010; Tokunaga, 2010;).  ، وعلاوة على ذلك ففي سنة 2012 فقط طبعت كتب كثيرة بالانجليزية تحت هذا العنوان (Costabile & Spears, 2012; Hinduja & Patchin, 2012b; Katz, 2012; Kowalski et al., 2012a; Li, Cross, & Smith, 2012a; Patchin & Hinduja, 2012b). وأيضا ثلاث مجلات علمية نشرت قضية التسلط  بشكل خاص باللغة الانجليزية .

     يهدف هذا المقال مساعدة المعلمين والاختصاصيين النفسيين ومدراء المدارس والباحثين وأولياء الأمور في فهم طبيعة وأثر التسلط ووضع سياسات وطرق الوقاية والعلاج ، ونحن نقدم نظرة عامة عن البحوث الحديثة باللغة الانجليزية كي تطبق نتائجها وتوصياتها بالبيئات التعليمية ، وسعينا عدم تكرار الآراء المطبقة فيها ، والنظر في المجالات أو القضايا التي ذكرت قليلاً في البحوث ومحاولة تطبيقها في المدرسة وفي البيت مثال: الآثار والخطط الموجهة والحلول وأهمية المناهج المدرسية ودور الآباء والأصدقاء . وبدأنا بالموضوعات الواردة في القضايا الرئيسة  التي ذكرها الباحثون والأكاديميون لتحديد أوجه الشبه والاختلاف بين العنف الالكتروني والعنف التقليدي وأخذنا في الاعتبار ما الآثار المعروفة للتسلط على الضحايا والجناة والمحيطين بهم ؟  ثم بدأنا ندرس الخطط الموجهة  للضحايا والجناة والمدارس والأسر والمجتمع ، وناقشنا الحلول المقترحة للتسلط وأين موقعنا منها لإجراء مزيد من البحوث وتعيين أدوار كل من الاختصاصيين والتربويين والمهتمين بقضية التسلط .

مقارنة بين التسلط عبر الانترنت والعنف التقليدي:
     الجهود والمحاولات المبكرة التي ذكرت بخصوص ما يستدعي تطبيق تعريف التسلط على تعريف العنف التقليدي كثيرة وكان أهمها قبولاً هو تعريف :  (    1999, 1993  )  Olweus   , الذي ينص أن السلوك العدواني هو ما يسبب ضرراً للضحية مع تكرار هذا السلوك وعدم وجود توازن القوة بين الضحية والجاني ، ويمكن الجمع بين التعاريف لبيان التعريف المعياري للتسلط  (Nocentini et al., 2010; Tokunaga, 2010), على الرغم من وجود بعض الاختلاف في بعض التعاريف  لكن الاختلاف لا يؤثر في المعنى العام للتسلط .

     توجد دراسات عديدة أشارت إلى التداخل  الواسع بين ضحايا وجناة  التسلط وضحايا وجناة العنف التقليدي ، (Agatston, Kowalski, & Limber, 2012; Hinduja & Patchin, 2012a; Olweus, 2012a, 2012b; Patchin & Hinduja, 2012a; Smith, 2012b; Smith & Slonje, 2010; Tokunaga, 2010; Vandebosch & Van Cleemput, 2009) وهذا التداخل قد يشير إلى أن السلوك الحقيقي للتسلط أكثر أهمية من الأداة والوسيلة التي تقاس به .
(Dooley et al., 2009)

     وأوجه التشابه  بين التسلط عبر الانترنت والعنف التقليدي هي أن كل منهما يسبب الأذى للضحايا ، وهما نتيجة عدم وجود رقابة من قبل البيت والمدرسة ، وتبدأ قضية العنف الالكتروني والتقليدي في المدرسة ولها تأثير على اليوم الدراسي ، والضحايا هم  أكثر المستهدفين من قبل شخص يعرفونه .
(Agatston et al., 2012; Cassidy et al., 2011; Cassidy, Jackson, & Brown, 2009; Hinduja & Patchin, 2012a, 2012b; Kowalski et al., 2012a; Olweus, 2012a; Tokunaga, 2010)

     ومن أوجه الشبه العلاقة العدوانية بين التسلط والعنف التقليدي (Crick et al., 1999). والتسلط والبلطجة يؤدي إلى التهديدات النفسية (Shariff & Gouin, 2005) مثل الشائعات والقيل والقال والإقصاء والحط من قدر الضحية .
(Jackson, Cassidy, & Brown, 2009b).

     مع ذلك حاول الباحثون وضع فروق كثيرة بين العنف التقليدي وجها لوجه  وبين التسلط عبر الانترنت على سبيل المثال يتواصل الجاني والضحية في الفضاء الالكتروني ولا يعرف الضحية أي معرفة بالجاني أو  أن يتعرف الجاني  على ردة فعل سلوك  الضحية الفورية (Smith, 2012b). ويرى بعض الباحثين أن هذا يسمح بعدم ظهور كبت نفسي والتفرد . (Agatston et al., 2012; Davis & Nixon, 2012; Patchin & Hinduja, 2011; von Marées & Petermann, 2012).   وعزل الجاني عن التأثير النفسي لسلوك الضحية قد يخلق انفصالاً يصعب استجابة التعاطف  للشعور بالألم ، ومن جهة أخرى عدم معرفة ردة فعل الضحية أو إظهار قوة أمام الضحية مما يجعل التسلط  بارزاً فيهم  (Smith & Slonje, 2010). وبعض الباحثين يرون أن الجناة يتوقعون ردة فعل أو تأثير التسلط على الضحية لاحقاً  (Nathan, 2009).

     وجانب آخر لتكنولوجيا الاتصالات الذي يخلق تمييزاً بين العنف التقليدي وجهاً لوجه والتسلط عبر الانترنت هو عدم كشف أو معرفة  هوية الشخص المقابل عبر الانترنت ، بينما أن ضحية العنف التقليدي يعرف الجاني ، وأما ضحية  التسلط الالكتروني لا يتعرف على الجاني ولا من يختبأ وراء الاسم المستعار ، وتختلف التقديرات بشان تعرف الضحية على الجناة  ما بين النسب 43% و80% (Cassidy et al., 2011; Kowalski et al., 2012b; Patchin & Hinduja, 2012a; Smith et al., 2008; Smith & Slonje, 2010; Vandebosch & Van Cleemput, 2009; Yilmaz, 2011). لذا في حين عدم كشف هوية الجاني يكون عاملاً للتمييز لبعض حالات التسلط ويجب ألا نتجاهل الحقيقة وهي أن غالبية الضحايا يعلمون عن الجناة .

     بعض الباحثين قيموا العلاقة النسبية بين التهديد من قبل جناة معروفين وجناة غير معروفين ، وبينما قد تكون رسائل مجهولة ينظر لها على أنها تسبب تهديداً وتخويفاً وقلقاً ، فأن التسلط عبر الانترنت من قبل شخص معروف أو موثوق به قد يسبب أكثر ضرراً للضحية  (Dooley et al., 2009; Nocentini et al., 2010) بعض الباحثين أشار إلى أن عدم الكشف عن هوية الجاني قد لا يشارك في العنف ضد الضحية وجها لوجه .
(Campbell, 2005; Dooley et al., 2009; Kowalski et al., 2012a; Tokunaga, 2010)

     التعريف التقليدي للبلطجة أو العنف يستلزم تكرار السلوك الضار وهذا يعني وجود علاقة بين العدوان والعنف أو التسلط عبر الانترنت وبين العدوان الالكتروني (Smith, 2012b) وبعض المصادر تشير إلى أن السلوك للتسلط لديه القدرة على تكرار دون تدخل صاحب هذا السلوك ويرجع ذلك إلى طبيعة الاتصالات عبر الانترنت على سبيل المثال إعادة نص  الرسالة عن طريق البريد الالكتروني بين عدة أفراد كثيرين  (Dooley et al., 2009; Grigg, 2010; Menesini, 2012; Nocentini et al., 2010; Smith, 2012b) لذا يوجد جمهور واسع من المستمعين والمتفرجين لحادثة التسلط وهم ينظرون إلى الضحية يساء إليه بشكل متكرر .

     واختلاف القوة بين الجاني والضحية يمكن تداوله في هذه الدراسات أيضا ، ففي العنف التقليدي نفكر في قوة بدن الجاني وعدم خوفه وهيمنته وسيطرته على الضحية  ، بينما في التسلط الالكتروني تأخذ هذه القوة عدة أشكال وقد لا تكون خطيرة لتحديد أفعال الجاني  (Grigg, 2010; Menesini, 2012; Nocentini et al., 2010; Smith, 2012b ) انظر إلى التفاصيل لفحص تكرار الفعل وقوة الجاني التي تدخل ضمن تعريف للتسلط (  Dooley et al., 2009   ) بينما يستطيع  ضحية التسلط إنهاء الصراع ، مع أن الضحايا يشعرون بالعجز  لعدم قدرتهم على الهروب من بريق المواقع الالكترونية التي تبدو أكثر استمراراً من صراخ الكلمات التي تطلق عليهم في ساحة المدرسة ، بعض المؤلفين ذكر في أحد المواقع الالكترونية عند حديثه عن إخلال ميزان القوة بين الضحية والجاني من حيث المهارات والخبرات التكنولوجية التي يمتلكها الجاني ، بينما بعض  أشكال التسلط تتطلب مهارات تكنولوجية عالية جداً مثل انتحال الشخصية وتقليدها بعض الجناة لا يمتلكها . كذلك أشار  كل من : Grigg (2010) and Vandebosch and Van Cleemput (2009) إلى أنه لم تشر أية دراسة إلى أن الجناة يمتلك هذه المهارات المتفوقة .

     أما اختلاف الجنسين ، فقد أظهرت بعض حوادث التسلط أن الفتيات أكثر انخراطاً كجناة وضحايا كما يعتقد في الدراسات التي تناولت العفن التقليدي ، واستعرض Kowalski et al. (2012a) وآخرون دراسات سابقة لتورط الفتيان والفتيات في قضايا التسلط ، فظهر من بعض الدراسات أن الفتيات أكثر تورطاً من خلال الفكرة  أن الفتيات أكثر عرضة لأشكال العدوان غير المباشرة ، بينما استعرض بعض الباحثين الدراسات التي تشير عدم وجود اختلاف بين الجنسين .

     والاختلاف بين التسلط عبر الانترنت والعنف التقليدي يتكون من حيث  التحدي الذي يواجه الشرطة لتتبع السلوكيات التي تحدث عبر الانترنت فضلاً عن إمكانية الوصول إلى الجناة الذين يحمون أنفسهم في المنازل .

     استخدمت عدة مصطلحات ومفاهيم بشان التسلط ولكن لم يظهر مفهوم متفق عليه وشامل سوى مفهوم الذي طرحه (   Smith , 2012 p 376  ) وزملاؤه : " أنه فعل عدواني متعمد من قبل مجموعة أو فرد وذلك باستخدام وسيلة الكترونية للاتصال بشكل مستمر ومتكرر ضد الضحية الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه أن عن نفسها "  .

     لذا يمكن ارتكاب حادثة التسلط باستخدام أدوات مختلفة من خلال أماكن متعددة عبر الانترنت  ، وتأخذ أشكالاً عديدة  تتراوح بين الأضرار الخفيفة والعميقة ( انظر إلى جدول -2- أدوات مختلفة استخدمت وأشكال التسلط من خلال قائمة شاملة للأدوات المستخدمة التي وردت في الأدبيات أو الدراسات باللغة الانجليزية  ) وأنه من الضروري للمعلمين والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين وأولياء الأمور فهم هذا الواقع الجديد في حياة الشباب ، والحكمة المستخرجة بشأن البلطجة قد لا يمكن تطبيقها مباشرة على التسلط عبر الانترنت ، فبينما يدعي بعض الباحثين أن أعداد الأطفال والمراهقين المتورطين في قضية التسلط ليست كبيرة كما هو الحال في قضايا العنف التقليدي (Olweus, 2012a, 2012b) والدراسات التي أجراها كل من : (Cassidy et al. (2009, 2011, 2012b) وآخرون تشير إلى أنه ما يقارب ثلث الطلبة هم ضحايا التسلط  ، وعلاوة على ذلك هناك (35) دراسة ل ( Patchin and Hinduja (2012a .

     أن معدل نصف أفراد العينة يتعرض إلى حوادث التسلط  وأعلى بنسبة (20%) وأن الدراسات التي أجريت خلال عامي 2004 و2010 على يد Patchin and Hinduja تشير إلى أن نسب ( 18,8% - 40,6% ) من الشباب تعرضوا في حياتهم إلى حوادث التسلط   (Patchin & Hinduja, 2012a, p. 17).

تنوع تأثير التسلط عبر الانترنت :
     على الضحية :
     بينما حالات الانتحار كنتيجة من التسلط قد استحوذت اهتمام وسائل الإعلام في وقتنا الحاضر ، فأن الانتحار ليس هو الأرجح ولا الأكثر انتشاراً للتأثير على الضحايا ، في الواقع بعض الباحثين أشار إلى أنه في حالات الانتحار  التي تتم بين أوساط الشباب فأن السبب الرئيس  هو حوادث التسلط  وإنما هناك أسباب أخرى تؤثر على الشباب وهي الصحة العقلية والرفاه .
)Kowalski et al., 2012a; Patchin & Hinduja, 2012a).

     هناك تأثيرات سلبية ناجمة على ضحايا التسلط التي تم توثيقها  في أدبيات الدراسات كثير منها متداخلة مع هذه التأثيرات التي  وثقت في الدراسات الأولى المتعلقة بالعنف التقليدي مثل : الاكتئاب وضعف الثقة بالنفس والقلق والتفكير بالانتحار ومشكلات نفسية أخرى مثل صداع الرأس واضطرابات النوم و الأرق .
(Olweus, 2012a, p. 532; see also Kowalski et al., 2012b; Menesini & Nocentini, 2012; Smith 2012b).  

     توجد تصورات مختلفة للطلبة حول تأثير التسلط عليهم ، حيث أشار بعضهم إلى أن تأثير التسلط أسوأ من تأثير العنف التقليدي وأكثر تدميراً ، بينما أشار بعضهم إلى تساوي هذا التأثير لكل من التسلط والعنف التقليدي .
(Kowalski et al., 2012a; Menesini & Nocentini, 2012; Monks, Robinson, & Worlidge, 2012; Sakellariou, Carroll, & Houghton, 2012; Smith, 2012a, 2012b; Smith & Slonje, 2010).

     ويبدو أن هذا التأثير يعتمد في جزء منه على التجربة الشخصية للضحية الذي تعرض للتسلط ، وأن هذا التأثير يؤثر أكثر على الضحايا منه على مرتكبي التسلط وعلى طبيعة المادة المستخدمة وأثر القصد من التسلط أسوأ من العنف التقليدي .
(Dooley et al., 2009; Smith, 2012b)

     الصور المتعلقة بالتسلط مثل عدم كشف عن هوية الجاني يؤثر على تصور الطلبة عند تناولهم لهذه الآثار بينما يشير بعضهم تأثير الرسائل المجهولة أكثر ضرراً من الرسائل التي يرسلها لهم شخص يعرفونه ، وبعض آخر أشار إلى أن الشخص المعروف لديهم رسائله أكثر ضرراً عليهم ، لذا يوجد تأثير في حالة معرفة الجاني أو عدم معرفته  ولكن نظرتهم تختلف ، إن إخفاء هوية الجاني يخلق للضحية شعور العجز الذي يعتقدون أنه لا مفر من التسلط ، ومع تزايد الجمهور المتعرض للتسلط فأن معدلات تفاقم مشاعر الضحايا من الذل والعزلة .
)Menesini & Nocentini, 2012; Nocentini et al., 2010(

     أخيرا نقص الوعي لنتائج أفعال أحدهم   الذي أشار إليه كل من ( Smith and Slonje 2010) كشكل من التسلط وله تأثر مختلف كما هو واضح هنا ، فالعنف غير المباشر يسمح لفك الارتباط المعنوي ولكن الجناة الذين يتمتعون وهم يرون معاناة أو يظهرون قوتهم أمام الآخرين ، فأن التسلط لا يتيح لهم ملاحظة ذلك .

     تتراوح الآثار السلبية للتسلط من تافهة وإلى خطيرة ويعتمد ذلك على تكرار وطول فترة وشدة التسلط   (Tokunaga, 2010). قد تتضخم الآثار مقارنة مع آثار العنف التقليدي ويرجع ذلك إلى حقيقة عدم تمكن الجاني  الهرب من ارتكاب الجريمة إلا بالانقطاع كلياً عن مواقع التواصل الاجتماعي ، وأيضا الطابع العام للتسلط   لا يعرف من وكيف كثير من الناس يرون ارتكب الجاني جريمته وأثرت على فكر الضحية (Gradinger, Strohmeier, & Spiel, 2009; Kowalski et al., 2012a; Tokunaga, 2010). ويمكن أن يكون الضحية في خطر حقيقي إذا أرسل شخص ما رسالة كراهية الكترونية وانتحل شخصية ما كي لا ينتقم منه الضحية جسدياً ، كما تتأثر درجة آثار التسلط بالجمهور الواسع ومجهول الهوية واستمرار الرسالة بقراءتها بشكل مكرر مما يعين عدم نسيان كلماتها في ساحة المدرسة والقدرة إلى الوصول إلى الضحية خلال (24) ساعة .
(Campbell, 2005; Kowalski et al., 2012a; Menesini & Nocentini, 2012(

     توجد طرق متعددة التي تجعل قضية التسلط تؤثر  على التحصيل الدراسي والأمان المدرسي  مثل قلة الطالب بالانتباه لمعلمه وهروبه من المدرسة وكثرة تغيبه والعزلة والاغتراب وانخفاض التحصيل الدراسي والتصورات السلبية للمناخ المدرسي وعدم الشعور بالأمان ، وكثرة تعرضه للمشكلات المدرسية واحتمال حمل السلاح إلى المدرسة .
(Hinduja & Patchin, 2007; 2008; Marczak & Coyne, 2010; Ybarra, Diener-West, & Leaf, 2007).

     في حين لوحظ أن أكثر حوادث التسلط قد تحدث خارج المدرسة  تكون في العادة مرتبطة أو تبدأ بسلوكيات وتصرفات داخل المدرسة .
(Cassidy et al., 2009, 2011; Olweus, 2012a) and that have an impact on the school day (Agatston et al., 2012; Bhat, 2008; Tokunaga, 2010)

     وتوجد مؤشرات موثقة عن قضية التسلط على الصحة النفسية للضحايا مثل الشعور بالحزن والأذى والغضب والارتباك والكآبة والشعور بالوحدة بما في ذلك الحالات النفسية الأكثر بارزاً مثل الاكتئاب وانخفاض تقدير الذات والعجز والقلق الاجتماعي والتفكير بالانتحار والمشكلات العاطفية والخوف وضعف العلاقات الاجتماعية مع الأقران .
(Agatston et al., 2012; Kowalski et al., 2012a; Marczak & Coyne, 2010; Menesini & Nocentini, 2012; Patchin & Hinduja, 2012a; Smith, 2012b; Sourander et al., 2010; Tokunaga, 2010; von Marées & Petermann, 2012(

     وتشير بعض الدراسات إلى ظهور حالات وشكوى نفسية الصداع وآلام في البطن وصعوبة النوم وأعراض جسدية أخرى .
 (Agatston et al., 2012; Marczak & Coyne, 2010; Menesini & Nocentini, 2012; Smith, 2012b; Sourander et al., 2010; von Marées & Petermann, 2012)

     وتشير بعض الدراسات المرتبطة بضحايا التسلط الربط بين السلوكيات غير القادرة على التأقلم مثل السلوك العدواني وتعاطي المخدرات  والتدخين و جرائم الأحداث أو الجنوح : السرقة وإتلاف الممتلكات العامة والاعتداء الجسدي وتملك أو حيازة السلاح .
(Agatston et al., 2012; Marczak & Coyne, 2010; Menesini & Nocentini, 2012; Patchin & Hinduja, 2012a; Sourander et al., 2010)

     وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تحديد ما إذا كانت هذه السلوكيات غير القادرة على التأقلم تنبع من الأذى ولها ارتباط بالضحايا .

     تظهر آثار التسلط بين الضحايا والجناة خاصة المراهقين والشباب فيشعر هؤلاء بعدم الأمان بالمدرسة وعدم اهتمام المعلمين بهم ولديهم انخفاض تقدير الذات والتفكير بمحاولة الانتحار . 
(Patchin & Hinduja 2011, 2012a)

     مع أن كل من (Patchin and Hinduja (2012a يذكران عدم وجود سبب قاطع بين التسلط وحالة الانتحار .

     من خلال تحليل عامل الجنس ( الفتيان والفتيان ) يتبين الاختلاف بتأثر هما بالتسلط  ذكر كل من  Jackson et al. (2009b) وآخرون أن الفتيات أكثر عرضة للتورط بأشكال التسلط ( التحرش القائم على الجنس ، والاستبعاد ونشر معلومات شخصية بالانترنت ) ويتأثرن سلباً من خلال الرسائل النصية ، وأشارت الفتيات أن سمعتهن تعرضت إلى الإساءة عبر الانترنت وزاد قلقهن وجعلهن أقل عقد الصداقة مع الآخرين وجعلهن يشعرن بالانتقام والتفكير بالانتحار .

     في دراسة أجريت على طلبة الجامعة بخصوص التحرش عبر الانترنت أشار  كل من : Beran, Rinaldi, Bickham, and Rich (2012) إلى بعض التأثيرات التي حدثت للضحايا منها : الغضب والحزن والأذى والخجل والقلق والخوف والبكاء ولوم النفس وضعف التركيز بالدراسة وانخفاض التحصيل الدراسي والتغيب ، وأن 83،6% ممن استطلعت آراؤهم قالوا عدم وجود أثر سلبي كبير عليهم (Beran et al., 2012). ولعل هذه الحالات التي حصلت للضحايا قد تكثر في طلبة المرحلة المتوسطة .
(Beran & Li, 2005)

     يوجد اعتراف من قبل الأطفال والمراهقين والشباب وبشكل مستمر على تورطهم بقضية التسلط ، ولعل بعض الحالات تحدث في مرحلة الابتدائية وتستمر إلى  في المراحل : المتوسطة والثانوية والجامعة وبعد الجامعة أو في مقر العمل .
 (Agervold, 2007; Bauman, 2012a; Beran et al., 2012; DeSouza, 2011; Leenaars & Rinaldi, 2010; Myers & Cowie, 2012; Walker, Sockman, & Koehn, 2011)

     ويمكن القول أن كل الشباب الذين تورطوا بقضية التسلط سوف تقل نسبة تورطهم بعد ذلك كلما كبروا في السن ، لكن لم نطلع على أية دراسة تساعدنا على تحديد أي الفئة من الشباب هم أكثر خطراً في  استمرار ممارسة العنف والتسلط  ، ولعل الدراسات المستقبلية تكشف لنا ذلك .


     وفي حين كشفت أدبيات الدراسات لنا  التأثيرات السلبية على ضحايا التسلط لكن هذه الأدبيات لم تكشف لنا هذه التأثيرات على مرتكبي التسلط .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق