الاثنين، 29 سبتمبر 2014

التسلط والكبار - التحرش في عصر المعلومات





التسلط والكبار - التحرش في عصر المعلومات
بقلم الباحث / عباس سبتي

     العصر الرقمي عبارة عن عصر جديد من الاتصالات الفورية وتخزين البيانات واسترجاعها وتبادل المعلومات ، هذا العصر جعل العالم مكاناً صغيراً من خلال السماح الاتصالات  بين الدول  وتبادل التجارة العالمية ، ولكن فتح هذا العصر باب الجرائم والاحتيال وتسلط الكبار .

     التسلط عبر الانترنت عبارة عن العنف يتم بواسطة البريد الالكتروني ، الرسائل الفورية ، تبادل الدردشة في الغرف ومهام مواقع " الويب " ، أو الرسائل والصور الفورية التي ترسل باستخدام الهاتف المحمول ، في بعض الأحيان طلبة الثانوية يسيء بعضهم إلى بعض عبر فيسبوك ، وفي أوقات أخرى يضطهد الكبار غيرهم على المعتقدات الدينية والسياسية وقد يستخدمون أسلوب السادية ولا يرضون إهانة الضحية فقط  وتدمير حياته ، وقد يشبه التسلط العنف التقليدي في اختلال توازن القوى والعدوان والفعل السلبي المتكرر .

     التسلط في أبسط أشكاله يحدث بين شخصين باستخدام البريد الالكتروني ، الرسائل الفورية ، ولكي يكون عنف حقيقي لا بد من وجود جمهور – مارة – الذي ينشر خبر الحادثة عبر وسائل الأعلام ، تويتر  أو منتدى للتعليق على الحادثة إذا أراد الفتوة إذلال الضحية وتعذيبه .

يتخذ التسلط أشكالاً عديدة :
     التحرش : إرسال رسائل انتقامية متكررة ووقحة ومهينة .

     الاستصغار : نشر معلومات من اجل حط من قدر وسمعة الضحية .

     الاشتعال : الصراع عبر الانترنت باستخدام لغة بذيئة .

     الانتحال : سرقة حساب موقع أو بريد الكتروني لشخص آخر وإضافة محتوى غير لائق .

     الخداع : خداع شخص آخر للكشف عن معلومات محرجة او أسرار  .

     المطاردة : التهديدات المتكررة أو النشاط عبر  الانترنت من أجل تخويف الشخص على سلامته .

خصائص التسلط :
عدم الكشف عن الهوية :
     يبحر  مرتكب التسلط عبر الانترنت تحت اسم مستعار وبالتالي الضحية في كثير من الأحيان لا يعلم من الذي يسيء إليه .

سهولة الوصول إلى الضحية :
     يستطيع الجاني الاقتراب من الضحية في أي وقت نتيجة الاتصال غير مادي بينهما وليس هناك وقت محدد لوصول الجاني إلى الضحية .

المخاوف العقابية :
     الضحايا يخافون أن ينتقم الجاني منهم ، وإذا كان الضحية طفلاً فأنه يخاف أن يسلب منه الجهاز أو يحرم منه إذا أبلغ والديه عن تعرضه لأذى عبر الانترنت .

المارة والجمهور :
     يتنوع المارة في قضية التسلط وذلك يمكن نقل الحادثة عبر البريد الالكتروني ، ومواقع الاتصال الاجتماعي أو أي جهاز تكنولوجي آخر .

السلوك الفاضح :
     يمكن أن يشجع الجاني الضحية على ارتكاب الفعل لا يقوم به شخصياً .

     قضية التسلط  لها عواقب وخيمة بالنسبة لكل من الأطفال والمراهقين وحتى الكبار الذين ليس لهم دراية بتكتيكات التسلط  ،  وقد تكون هذه القضية بالنسبة للكبار غير مذلة  بعكس الأطفال ، وقد يشعر الأطفال أنهم لا يواجهون أقرانهم وجهاً لوجه عندما يكونون في جانب الطرف الخاسر من القضية ، وهناك العديد من  التقارير عن إقدام الأطفال والمراهقين على الانتحار  بسبب تكتيك التخويف لهم ، لأنهم غير مجهزين عاطفياً للتعامل مع التحقير الاجتماعي .

     توجد علامات للتسلط في حال شك أحد الوالدين بهذه العلامات ، مثل الحزن ، عكر المزاج ( النكد ) والقلق التي يصاب بها الطفل عند تخويفه  ، كذلك تجنب الذهاب إلى المدرسة أو ممارسة الأنشطة الاجتماعية وانخفاض أدائه التحصيلي  دليل على تعرضه للتسلط ، وإذا ظهر الطفل بالضيق دون مبرر أمام الكمبيوتر أو تلقى رسالة من الهاتف المحمول فانه ينبغي التحقق من السبب .

المتصيدون :
     قضية التسلط في الغالب تأخذ شكلاً من عملية " التصيد " ، الكلمة تعني إشارة إلى طريقة صيد السمك عن طريق وضع طعم في الصنارة وانتظار أكل السمك هذا الطعم ، وفي هذا المعنى فان المحتال أو الصائد في الانترنت  يحاول صيد الضحية الغافل من أجل تحقيره وإذلاله ، والمتصيدون هم يعدون مشكلة مزعجة لأولئك الذين يستعملون الانترنت بشكل مستمر ، وهؤلاء المتصيدون موجودين في الشبكات الاجتماعية و يسهمون  بكتابة التعليقات في المواقع المختلفة وفي المنتديات وغيرها .

     في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي تبنى مستخدمي الانترنت كلمة " التصيد " للإشارة إلى الشخص الذي يعطل عمداً الدردشة لدى المتحدثين في المنتديات الالكترونية ، فمن خلال التقنية المستخدمة لطرح أسئلة غبية من أجل تهدئة الضحية المغفل وشعوره الزائف بالأمن ، ثم الانقضاض عليه  بوابل من الشتائم بهدف إرباكه وتخويفه وإذلاله  ، ويعتبر " المتصيد " هذا العمل بطولة ومنافسة لمواجهة الخصم ، أنه شكل من أشكال التسلط .

     المتصيدون لهم نظام لفرز انتصاراتهم يسمى lulz " أو ما يطلق عليه ب " أغنية لهدهدة الطفل الرضيع " ويعني هذا النظام التمتع بالإخلال بالجانب العاطفي والنفسي للضحية ، وبعض المتصيدين في الانترنت يشكلون فرقاً لمطاردة الفريسة والحط منها بلا هوادة ، والتكنولوجيا على ما يبدو تعمل أكثر في الإساءة إلى الآداب الاجتماعية ، وأنها تكثف الكراهية بين الناس ، وهذا النوع من التصيد عبارة فعل أو نوع من غوغاء الانترنت وله نتائج عكسية ، وهذه المطاردة الحثيثة لأجل المتعة والتسلية لها آثار مدمرة على الجميع .

     كثير من المتصيدين عبر الانترنت لا يكتفي باضطهاد الضحية المجهول وإنما يضطهد أحد الأصدقاء او أحد أفراد العائلة ، فبعد انتحار Mitchell Henderson " عام 2006  فأن الطالب في الصف السابع بولاية " مينيسوتا " لم يكتفي بالنكات الصبيانية عبر الانترنت على الصبي القتيل بل واصل هجماته على والدي القتيل ، فقد اتصل بوالد القتيل قائلاً : أنهم قالوا ، أنا " ميشيل " ( اسم القتيل ) ، أنا في المقبرة ، مرحباً أنا شبح " ميشيل " ، الباب مقفل هل تأتي لتفتح لي الباب ؟ المتصيدون يعتبرون ذلك نوعاً من المرح الصاخب والمستفز ، أن ذلك مؤشر لعقلية الأحداث وعقلية المتصيدين الجاهلة ، لكن في المقابل خسارة للأسر التي فقدت أعز فلذات أكبادها  ، أنها مأساة عصر التكنولوجيا  أليس كذلك ؟

المتصيدون الساديون :
     تسعى دراسة حديثة إلى تصنيف شخصيات الذين تورطوا في عمليات " التصيد " الالكتروني ومحاولة تفسير سلوكهم الوحشي ، في تقرير "   Erin Buckels " من جامعة  " Manitoba " في كندا وأثنين من زملائها لدراسة أنماط سلوك الناس الذين يتمتعون بعملية " التصيد " وهل يمتلكون سمات الشخصية التي تظهر فيها  " التلاعب ، الخداع ، النرجسية وغياب الندم ، أو الاستعداد لإلحاق الأذى والألم إلى الآخرين .

     هذا السلوك له آثار مزعجة ، فالفرد الذي يتمتع من عملية " التصيد " المهينة للأشخاص تبدو عليه علامات الافتراس المدمرة ، وأصبحت عملية " التصيد " صارخة مما جعلت كثير من المواقع تقوم بإجراءات منعها ، في العام الماضي قامت مجلة علمية بنشر مقالة عن الآثار الضارة للتصيد ، كما قام موقع "    YouTube " بإجراء مماثل .

المعلومات ، الوقاية ، الإبلاغ :
     توجد أماكن عدة للحصول على المعلومات لقضية التسلط ، المركز الوطني للأطفال المفقودين طرح مشروع "Netsmartz " للحصول على المعلومات والحلول لقضية التسلط ، إلى جانب هناك العديد من المواقع التي تقدم المعلومات والمساعدة لأولياء الأمور الذين تعرض أولادهم إلى التخويف والذين يبحثون عن الالتماسات القانونية لهذه القضية ، وبالتعاون مع مؤسسة " Hazelden " التي تقدم المعلومات والنصائح لآباء الأطفال الضحايا ومناقشة القضايا  القانونية للتسلط ، وموقع وزارة التربية بالولايات المتحدة  يعرض التوجيهات حول كيفية التعرف والمنع ورفع تقرير عن قضية التسلط .

     هناك العديد من الخطوات تتخذ عند وجود دليل لقضية التسلط ، من المهم الاحتفاظ بسجل الحادثة وبياناتها وصورها المتعلقة بها ، وإبلاغ عن الحادثة إلى مزودي خدمة الانترنت عن اسم الموقع الذي حدثت به الحادثة ، وأن يقوم الضحايا بحجب مرتكب الحادثة ، وفي حال تحول القضية من التحرش إلى الجناية فيجب إبلاغ منفذي القانون ، وإذا هدد الجاني الضحية أو أرسل محتوى جنسي ، أو قام بالمطاردة أو انتهك خصوصية الضحية فان القضية  تصبح جناية  أو جريمة وينبغي التحقيق فيها من قبل السلطات الرسمية .

     من المهم أن يعرف الوالدان حقوقهما ويبلغوا أولادهم عن حقوقهم ، فلا أحد ينبغي أن يكون ضحية التسلط ولا ينبغي أن يقوم أحد بإلحاق الأذى والمساس بأمن الوطن والهرب من القانون ، والعلم بالقضية والحد منها من أهم الحلول المناسبة للتهديد عبر الانترنت .

أقول:
     لقد ذكرت في تويتر اليوم ( أن المتصيدين عبر الانترنت يعانون من قسوة القلب نتيجة كثرة الذنوب ) .
     ولا أدري هل أن الدكتورة
Erin E. Buckels
التي أجريت دراسة :
Online Trolls :Sadists of the Internet    
قد أشارت إلى جوهر المشكلة لجيل الانترنت الذي يتمتع بإيذاء وتحقير أناس أبرياء باستخدام الانترنت وتحت اسم مستعار  ؟


المصادر :
: (1) Kowalski, Robin, Limber, Susan, and Agatson, Patricia, Cyberbullying: Bullying in the Digital Age, 2d ed., Wiley-Blackwell Publishing, 2012
 (2) Mooney, Chris, “New Study: Internet Trolls Are Often Machiavellian Sadists,” Feb. 14, 2014, http://www.motherjones.com/blue-marble/2014/02/internet-trolls-sadists-psychopaths-lulz
 (3) Schwartz, Mattathias, “The Trolls Among Us,” The New York Times, Aug. 3, 2008, http://www.nytimes.com/2008/08/03/magazine/03trolls-t.html?_r=0
 (4) Stopbullying.gov, “Cyberbullying,” http://www.stopbullying.gov/cyberbullying/index.html
 (5) Violence Prevention Works., “What is Cyberbullying?”, 2014 Hazelden Foundation, http://www.violencepreventionworks.org/public/cyber_bullying.page
Adult Cyber Bullying — Harassment in the Information Age



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق