التسلط والكبار - التحرش في
عصر المعلومات
بقلم الباحث / عباس سبتي
العصر الرقمي عبارة عن عصر جديد من
الاتصالات الفورية وتخزين البيانات واسترجاعها وتبادل المعلومات ، هذا العصر جعل
العالم مكاناً صغيراً من خلال السماح الاتصالات
بين الدول وتبادل التجارة العالمية
، ولكن فتح هذا العصر باب الجرائم والاحتيال وتسلط الكبار .
التسلط عبر الانترنت عبارة عن العنف يتم
بواسطة البريد الالكتروني ، الرسائل الفورية ، تبادل الدردشة في الغرف ومهام مواقع
"
الويب
"
، أو
الرسائل والصور الفورية التي ترسل باستخدام الهاتف المحمول ، في بعض الأحيان طلبة
الثانوية يسيء بعضهم إلى بعض عبر فيسبوك ، وفي أوقات أخرى يضطهد الكبار غيرهم على
المعتقدات الدينية والسياسية وقد يستخدمون أسلوب السادية ولا يرضون إهانة الضحية
فقط وتدمير حياته ، وقد يشبه التسلط العنف
التقليدي في اختلال توازن القوى والعدوان والفعل السلبي المتكرر .
التسلط في أبسط أشكاله يحدث بين شخصين
باستخدام البريد الالكتروني ، الرسائل الفورية ، ولكي يكون عنف حقيقي لا بد من
وجود جمهور – مارة – الذي ينشر خبر الحادثة عبر وسائل الأعلام ، تويتر أو منتدى للتعليق على الحادثة إذا أراد الفتوة
إذلال الضحية وتعذيبه .
يتخذ التسلط
أشكالاً عديدة :
التحرش : إرسال رسائل
انتقامية متكررة ووقحة ومهينة .
الاستصغار : نشر معلومات
من اجل حط من قدر وسمعة الضحية .
الاشتعال : الصراع عبر
الانترنت باستخدام لغة بذيئة .
الانتحال : سرقة حساب
موقع أو بريد الكتروني لشخص آخر وإضافة محتوى غير لائق .
الخداع : خداع شخص آخر
للكشف عن معلومات محرجة او أسرار .
المطاردة : التهديدات
المتكررة أو النشاط عبر الانترنت من أجل
تخويف الشخص على سلامته .
خصائص التسلط
:
عدم الكشف عن
الهوية :
يبحر مرتكب التسلط عبر الانترنت تحت اسم مستعار
وبالتالي الضحية في كثير من الأحيان لا يعلم من الذي يسيء إليه .
سهولة الوصول
إلى الضحية :
يستطيع الجاني الاقتراب من الضحية
في أي وقت نتيجة الاتصال غير مادي بينهما وليس هناك وقت محدد لوصول الجاني إلى
الضحية .
المخاوف
العقابية :
الضحايا
يخافون أن ينتقم الجاني منهم ، وإذا كان الضحية طفلاً فأنه يخاف أن يسلب منه
الجهاز أو يحرم منه إذا أبلغ والديه عن تعرضه لأذى عبر الانترنت .
المارة
والجمهور :
يتنوع المارة في قضية التسلط وذلك
يمكن نقل الحادثة عبر البريد الالكتروني ، ومواقع الاتصال الاجتماعي أو أي جهاز
تكنولوجي آخر .
السلوك
الفاضح :
يمكن أن يشجع الجاني الضحية على
ارتكاب الفعل لا يقوم به شخصياً .
قضية التسلط لها عواقب وخيمة بالنسبة لكل من الأطفال
والمراهقين وحتى الكبار الذين ليس لهم دراية بتكتيكات التسلط ، وقد
تكون هذه القضية بالنسبة للكبار غير مذلة
بعكس الأطفال ، وقد يشعر الأطفال أنهم لا يواجهون أقرانهم وجهاً لوجه عندما
يكونون في جانب الطرف الخاسر من القضية ، وهناك العديد من التقارير عن إقدام الأطفال والمراهقين على
الانتحار بسبب تكتيك التخويف لهم ، لأنهم
غير مجهزين عاطفياً للتعامل مع التحقير الاجتماعي .
توجد علامات للتسلط في حال شك أحد الوالدين
بهذه العلامات ، مثل الحزن ، عكر المزاج ( النكد ) والقلق التي
يصاب بها الطفل عند تخويفه ، كذلك تجنب
الذهاب إلى المدرسة أو ممارسة الأنشطة الاجتماعية وانخفاض أدائه التحصيلي دليل على تعرضه للتسلط ، وإذا ظهر الطفل بالضيق
دون مبرر أمام الكمبيوتر أو تلقى رسالة من الهاتف المحمول فانه ينبغي التحقق من
السبب .
المتصيدون :
قضية التسلط في الغالب تأخذ شكلاً من عملية " التصيد " ، الكلمة
تعني إشارة إلى طريقة صيد السمك عن طريق وضع طعم في الصنارة وانتظار أكل السمك هذا
الطعم ، وفي هذا المعنى فان المحتال أو الصائد في الانترنت يحاول صيد الضحية الغافل من أجل تحقيره وإذلاله
، والمتصيدون هم يعدون مشكلة مزعجة لأولئك الذين يستعملون الانترنت بشكل مستمر ،
وهؤلاء المتصيدون موجودين في الشبكات الاجتماعية و يسهمون بكتابة التعليقات في المواقع المختلفة وفي
المنتديات وغيرها .
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي تبنى
مستخدمي الانترنت كلمة " التصيد " للإشارة إلى
الشخص الذي يعطل عمداً الدردشة لدى المتحدثين في المنتديات الالكترونية ، فمن خلال
التقنية المستخدمة لطرح أسئلة غبية من أجل تهدئة الضحية المغفل وشعوره الزائف
بالأمن ، ثم الانقضاض عليه بوابل من
الشتائم بهدف إرباكه وتخويفه وإذلاله ،
ويعتبر " المتصيد " هذا العمل بطولة ومنافسة لمواجهة الخصم ،
أنه شكل من أشكال التسلط .
المتصيدون لهم نظام لفرز انتصاراتهم يسمى " lulz " أو ما يطلق
عليه ب " أغنية لهدهدة الطفل الرضيع " ويعني هذا
النظام التمتع بالإخلال بالجانب العاطفي والنفسي للضحية ، وبعض المتصيدين في
الانترنت يشكلون فرقاً لمطاردة الفريسة والحط منها بلا هوادة ، والتكنولوجيا على
ما يبدو تعمل أكثر في الإساءة إلى الآداب الاجتماعية ، وأنها تكثف الكراهية بين
الناس ، وهذا النوع من التصيد عبارة فعل أو نوع من غوغاء الانترنت وله نتائج عكسية
، وهذه المطاردة الحثيثة لأجل المتعة والتسلية لها آثار مدمرة على الجميع .
كثير من المتصيدين عبر الانترنت لا يكتفي
باضطهاد الضحية المجهول وإنما يضطهد أحد الأصدقاء او أحد أفراد العائلة ، فبعد
انتحار " Mitchell Henderson " عام 2006 فأن الطالب في الصف السابع بولاية " مينيسوتا " لم يكتفي
بالنكات الصبيانية عبر الانترنت على الصبي القتيل بل واصل هجماته على والدي القتيل
، فقد اتصل بوالد القتيل قائلاً : أنهم قالوا ، أنا " ميشيل " ( اسم القتيل ) ، أنا في
المقبرة ، مرحباً أنا شبح " ميشيل " ، الباب مقفل
هل تأتي لتفتح لي الباب ؟ المتصيدون يعتبرون ذلك نوعاً من المرح الصاخب والمستفز ،
أن ذلك مؤشر لعقلية الأحداث وعقلية المتصيدين الجاهلة ، لكن في المقابل خسارة
للأسر التي فقدت أعز فلذات أكبادها ، أنها
مأساة عصر التكنولوجيا أليس كذلك ؟
المتصيدون
الساديون :
تسعى دراسة حديثة إلى تصنيف شخصيات الذين
تورطوا في عمليات " التصيد " الالكتروني ومحاولة تفسير سلوكهم الوحشي ، في
تقرير " Erin Buckels " من جامعة
" Manitoba " في كندا
وأثنين من زملائها لدراسة أنماط سلوك الناس الذين يتمتعون بعملية " التصيد " وهل يمتلكون
سمات الشخصية التي تظهر فيها " التلاعب ،
الخداع ، النرجسية وغياب الندم ، أو الاستعداد لإلحاق الأذى والألم إلى الآخرين .
هذا السلوك له آثار مزعجة ، فالفرد الذي
يتمتع من عملية " التصيد " المهينة للأشخاص تبدو عليه علامات الافتراس
المدمرة ، وأصبحت عملية " التصيد " صارخة مما
جعلت كثير من المواقع تقوم بإجراءات منعها ، في العام الماضي قامت مجلة علمية بنشر
مقالة عن الآثار الضارة للتصيد ، كما قام موقع " YouTube " بإجراء مماثل
.
المعلومات ،
الوقاية ، الإبلاغ :
توجد أماكن عدة للحصول على المعلومات لقضية
التسلط ، المركز الوطني للأطفال المفقودين طرح مشروع "Netsmartz " للحصول على المعلومات والحلول لقضية التسلط
، إلى جانب هناك العديد من المواقع التي تقدم المعلومات والمساعدة لأولياء الأمور
الذين تعرض أولادهم إلى التخويف والذين يبحثون عن الالتماسات القانونية لهذه
القضية ، وبالتعاون مع مؤسسة " Hazelden " التي تقدم
المعلومات والنصائح لآباء الأطفال الضحايا ومناقشة القضايا القانونية للتسلط ، وموقع وزارة التربية
بالولايات المتحدة يعرض التوجيهات حول
كيفية التعرف والمنع ورفع تقرير عن قضية التسلط .
هناك العديد من الخطوات تتخذ عند وجود دليل
لقضية التسلط ، من المهم الاحتفاظ بسجل الحادثة وبياناتها وصورها المتعلقة بها ،
وإبلاغ عن الحادثة إلى مزودي خدمة الانترنت عن اسم الموقع الذي حدثت به الحادثة ،
وأن يقوم الضحايا بحجب مرتكب الحادثة ، وفي حال تحول القضية من التحرش إلى الجناية
فيجب إبلاغ منفذي القانون ، وإذا هدد الجاني الضحية أو أرسل محتوى جنسي ، أو قام
بالمطاردة أو انتهك خصوصية الضحية فان القضية
تصبح جناية أو جريمة وينبغي
التحقيق فيها من قبل السلطات الرسمية .
من المهم أن يعرف الوالدان حقوقهما ويبلغوا
أولادهم عن حقوقهم ، فلا أحد ينبغي أن يكون ضحية التسلط ولا ينبغي أن يقوم أحد
بإلحاق الأذى والمساس بأمن الوطن والهرب من القانون ، والعلم بالقضية والحد منها
من أهم الحلول المناسبة للتهديد عبر الانترنت .
أقول:
لقد ذكرت في تويتر اليوم ( أن المتصيدين عبر
الانترنت يعانون من قسوة القلب نتيجة كثرة الذنوب ) .
ولا أدري هل أن الدكتورة
Erin
E. Buckels
التي أجريت
دراسة :
Online Trolls :Sadists of the Internet
قد أشارت إلى
جوهر المشكلة لجيل الانترنت الذي يتمتع بإيذاء وتحقير أناس أبرياء باستخدام
الانترنت وتحت اسم مستعار ؟
المصادر :
: (1) Kowalski, Robin, Limber,
Susan, and Agatson, Patricia, Cyberbullying: Bullying in the Digital Age, 2d ed., Wiley-Blackwell
Publishing, 2012
(2)
Mooney, Chris, “New Study: Internet Trolls Are Often Machiavellian Sadists,”
Feb. 14, 2014, http://www.motherjones.com/blue-marble/2014/02/internet-trolls-sadists-psychopaths-lulz
(3)
Schwartz, Mattathias, “The Trolls Among Us,” The New York Times, Aug. 3, 2008, http://www.nytimes.com/2008/08/03/magazine/03trolls-t.html?_r=0
(4)
Stopbullying.gov, “Cyberbullying,” http://www.stopbullying.gov/cyberbullying/index.html
(5)
Violence Prevention Works., “What is Cyberbullying?”, 2014 Hazelden Foundation, http://www.violencepreventionworks.org/public/cyber_bullying.page
Adult Cyber Bullying — Harassment in the
Information Age
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق